الخطاب الشيعي والتعريف العقلاني بالمذهب الامامي
في حوار مع البروفسور محمود ايوب
ترجمة: محمد عبدالرزاق تمهيد:
مجلة المنهاج
الموضوع طويل ولكنه مفيد وفيه فوائد على نحو الاشارة الخفيفة عن العقيدة المهدوية.
البروفسور محمود ايوب، رجل ضرير يدرس في جامعة (تمبل) الامريكية، وهو مسلم لبناني الاصل، يقطن في الولاياتالمتحدة منذ عام (1964م). وله رسالة دكتوراه كتبها في (عاشوراء الحسين (ع). وقد سنحت لنا الفرصة ان نلتقي به،ونجري معه هذا الحوار القصير ابان زيارته لمدينة قم في ايران اوائل عام 1995م، في مركز الامام الخميني للتعليموالتحقيق. وهنا ننقل لقرائنا الاعزاء ما دار في هذا الحوار:
؟ حبذا لو تروون مسيرتكم العلمية، ونبذة عن سيرتكم الذاتية، كي يطلع عليها سائر العلماء والمحققين.
د. ايوب: اسمي محمود ايوب. مسقط راسي في جبل عامل.
بدات دراستي الجامعية في الجامعة الامريكية في بيروت،فتخرجت فيها بدرجة بكلوريوس في تاريخ الفلسفة الغربية، بعد ذلك رحلت الى امريكا في عام 1964م، ونلت هناك شهادة ماجستير في الفكر الديني (ژخخسرخژ ژسرخحدحث ) من جامعة بنسلفانيا، ثم انتقلت لجامعة هارفرد وهي من اهم الجامعات الامريكية، فبدات فيها اكمال دراستي.
في عام 1975م حصلت على دكتوراه في المقارنة بين الديانات.
فكتبت رسالتي في عاشوراء، اي في اخلاص عاشوراءومبادئها وشجونها وسائر مفاهيهما، او بعبارة اخرى في الهيات عاشوراء.
وقد نشرت الرسالة، واصبحت الان من اهممصادر الفكر الشيعي الصادرة باللغة الانجليزية، بعد ذلك الحين بدات العمل في حقل التدريس في جامعة كاليفورنيا، ومنثم جامعة تورنتو الكندية ومكغيل. ثم ذهبت في عام 1988م الى فيلادلفيا احاضر في جامعة (تمبل) كبروفسور فيالمعارف الاسلامية، والمقارنة بين الاديان. وقد عزمت على ان اقضي بقية عمري بالتحقيق والتدريس في هذا المجال.
؟ حضرة البروفسور، وما هي ابرز مواضيع محاضراتكم في الجامعة؟ د. ايوب: في الحقيقة لا توجد هناك معاهد في امريكا مختصة بالدراسات الاسلامية، سوى ان لدينا فرعا في دراساتالاديان يحتوي على دراسات معمقة في الدين الاسلامي، يحاضر فيه استاذ غيري هو السيد (خالد سلافكين شيب(، وهوامريكي من ذوي البشرة البيضاء الذين دخلوا في الاسلام، ويمتلك قدرات عالية في مجال اختصاصه. فهو يحاضر فيمواضيع الروايات، والفقه، والسيرة النبوية. اما اختصاصي انا فهو في علوم القرآن، وتفسيره، والتصوف والعرفان، والفلسفةوالكلام، وكذلك الملل والنحل.
ويوجد لدينا طلبة من مختلف البلدان، وقد كتبوا رسائلهم العلمية في مختلف الاديان وبلدانها، مما يزيد في خزينمعلوماتنا.
؟ بما انكم تحاضرون في مسائل الفكر الشيعي، ما هي انطباعات الغربيين عن الدين الاسلامي بشكل عام، والتشيع بشكلخاص - هذه الايام - سواء في الاوساط العلمية او عامة الناس؟ د. ايوب: لقد بدا اهتمام الغربيين بالدين الاسلامي والتشيع يتراجع بعد الحرب العالمية الثانية، وانحسرت دراساتهم فيذلك تقريبا. فلم يكن المستشرقون - آنذاك - يعرفون من الاسلام سوى الاسلام الاشعري، وكانوا يقولون بان التشيع ليسسوى حركة فارسية ايرانية، وليس هناك اسلام شيعي.
لكن سرعان ما تلاشت هذه النظرة تجاه التشيع، وبدا الاهتمام يتزايد بافكار ومعتقدات الشيعة.
نعم، يمكننا القول بان الغربيين لم يدركوا كنه الايديولوجيا الشيعية حتى الان. كما يشير سماحة آية اللّه مصباح اليزديالى انهم لا يزال يظنون بان (ولاية الفقيه(، هي تلك السلطة المطلقة التي تصادر جميع انواع الحريات. الا انه يجب علينا اننساهم في نقل افكار التشيع للاخرين وتوضيحها.
اما بالنسبة لزوجتي فهي تحضر هذه الايام للدكتوراه في موضوع تاريخ الفكر الشيعي، ولها طروحات جديدة في هذاالباب، وسنتعاون معا ان شاء اللّه للتعريف بالشيعة والتشيع.
كذلك هي ستعينني في مجال اللغة فانا لا اجيد اللغة الفارسيةكثيرا وهي تتفوق على في ذلك.
؟ قلتم بان الاسلام الاشعري هو الاكثر شهرة بين الاوساط الغربية. اذن، ما هو السبب في جنوح غالبية الشباب نحوالتشيع، ولو في مطالعاتهم على الاقل؟ د. ايوب: نعم، غالبية المحققين الشباب والمتابعين من الناس، توجد لديهم رغبة ملحة بمعرفة التصوف، فاليوم لم يعدالاسلام منحصرا بالاشعرية فقط، وانما ثمة اهتمامات واسعة بالتصوف والتشيع والعرفان. فزوجتي - مثلا - تدرس هذهالايام في جامعة بنسلفانيا في قسم الاداب، وكثيرا ما تواجه اسئلة الطلبة حول الاسلام الشيعي، والادب الفارسي،... والخ،فهذا التوجه والاهتمام يتضاعف يوما بعد آخر.
؟ يوجد الكثير ممن يرغب في التحقيق والدراسة في مذهب التشيع، فما هي برايكم السبل المتاحة اليوم لتفسير التشيعونقل افكاره للاخرين؟ د. ايوب: نعم، بنظري هو امر في غاية الاهمية. تعلمون ان التكتل اليهودي الاسرائيلي في الولايات المتحدة قد خصصمقعدا خاصا لليهود في الجامعات الكبرى والمعاهد هناك. لذا فقد اشرت في لقاء لي مع قائد الثورة الاسلامية الى اننابحاجة ماسة لتخصيص مقاعد للدراسات الاسلامية في امريكا، وخصوصا في الدراسات الشيعية.
اما السبيل الاخر لذلك، فهو نشر الكتب وطباعتها. فعلى سبيل المثال، يوجد هنالك كتاب لكاتب انجليزي من البهائيةواصله ايراني، هو من اهم الكتب المطبوعة في مجال تاريخ وفكر التشيع، فقد حظي باهتمام الكثيرين وانا منهم، وافادوامنه الكثير، ومع ان اختصاص الكاتب في مجال الطب، الا انه حقق نجاحا واسعا.
اذن، فالكتب هي من جملة الطرق المهمة في نشر التشيع، كذلك اقامة الندوات والمؤتمرات العالمية.
؟ التحقيق والمطالعة في مواضيع الاسلام مسالة طبيعية بالنسبة للمسلمين، وذلك لانسجامه مع افكارهم وعقائدهم.
ولايزيدهم ذلك الا تثبيتا ودعما.
لكن السؤال المطروح هنا هو ما هي دوافع اقبال الجامعيين في الغرب على مطالعة ودراسة الاسلام بشكل عام، والتشيعبشكل خاص؟ د. ايوب: لهذه الدوافع جذور تاريخية قديمة، فمنذ القرن السابع عشر تقريبا وحتى القرن العشرين، كان المستشرقون مايزالون يدرسون ويحققون في مفاهيم الاسلام، وبدوافع مختلفة. فبعضهم كان بدوافع سياسية، وآخر للتبشير باليهوديةوالمسيحية كما يطلق عليها قساوسة المسيح واليهود، وذلك عن طريق فهمهم لاصول الاسلام وقوانينه. اما في الوقتالحاضر فالامر يختلف تماما، لان طلاب الجامعات اليوم لا يدرسون الاسلام لهدف ما سوى الاطلاع على حضارةالمسلمين، والتعرف على مناهجهم. وقد يسلم بعضهم جراء ذلك، وان لم يسلم فانه يبقى على صلة ورغبة في الدينالاسلامي وقراءة حضارته وثقافاته، دون هدف معين او محدد، وانا اعتقد ان وضع المعارف الاسلامية اليوم، هو احسنبكثير مما كانت عليه في السابق قبل خمسين او عشرين عاما.
؟ حضرة البروفسور، اقمتم في السنين الماضية مؤتمرا في فيلادلفيا حول الاسلام الشيعي، هل لكم ان تذكروا لنا اهدافاقامة هذا المؤتمر؟ د. ايوب: هدفنا الوحيد هو التعريف بالتشيع، فنحن لسنا مبشرين، نحن نطمح لنشر الاسلام وترويجه فقط.
هناك مؤسسة اسمها (مؤسسة العلوم العربية والاسلامية( تابعة لجامعة الامام محمد في السعودية. وقد اثار موضوع اقامةالمؤتمر حفيضة المسؤولين فيها، فقلت لهم: لماذا انتم مستاؤون من ذلك؟ فبامكانكم ان تشاركوا معنا في اقامة مؤتمرخاص بالوهابية، كي يطلع العالم ومحققو الاسلام على حقيقة الوهابية. فرحبوا بالفكرة واقاموا مؤتمرهم وشاركنا فيه.فكان مؤتمرا خاليا من المضامين وفارغ المحتوى، وبدوافع مادية في الاغلب. فهم ثلة قليلة ياخذون رواتباشهرية قبالتبليغهم للوهابية والتطبيل لها. بازاء ذلك كان المؤتمر الشيعي مؤتمرا ناجحا ومثمرا، خصوصا انه حظي بحضور علماءومحققين من ايران ومن الحوزة العلمية في قم، كية اللّه مصباح اليزدي، بالاضافة الى نخبة من اساتذة الجامعات.
انه مؤتمر جيد وقد استفدنا منه الكثير.
الظاهرة الشيعية والدرس الفينو منولوجي نحو مراكز دراسات شيعية ناشطة في حوار مع الدكتور تقي زاده مسؤول مركز الدراسات الشيعية حوار مع الدكتور تقي زاده مسؤول مركز الدراسات الشيعية اعداد: حسين رضائي - شهيدي ترجمة: محمد عبد الرزاق ؟ بما انكم من مؤسسي مركز الدراسات الشيعية، فما هي برايكم الاهداف من الدراسة والتعريف بالمذهب الشيعي؟.
بداية اشكركم لاهتمامكم بالموضوع. عندما كنت اذهب للدراسة خارج القطر استقرات العديد من غير المسلمين ممنيطالعون ويحققون في اصول المذهب الشيعي ويحاضرون في بحوثه، مستغرقين في ذلك جل اوقاتهم.
(ژذحذژزچرحا ) هو واحد من اكبر الاقسام المعنية بالدراسات الاسلامية والشيعية في شتى جامعات العالم. ثم ان الدراساتالشيعية في العالم قد تبؤات مكانة اكثر مصداقية على صعيد دراسات الاستشراق بعيد انتصار الثورة الاسلامية في ايران.بحيث يكاد يكون لا يخلو كتاب او رسالة في بحوث الدين الاسلامي الا وذكر راي مفكري الشيعة فيه. ناهيك عنتاسيس مركزين للدراسات الاسلامية في اكسفورد وهاروارد الامريكية، كان هدفهما الحقيقي هو التحقيق في جوهرالمذهب الشيعي ودراسة ابعاده، كذلك عنيت معاهد الحقوق والفقه الاسلامي عناية خاصة بالفقه الشيعي اما في داخل القطرفلا توجد مؤسسة او مركز مختص بالدراسات الشيعية - وهذا مما يؤسف له -وليس هناك من يدعم ذلك. فليس ثمةمؤسسة او معهد مستقل يتابع الدراسات الشيعية خارج القطر او ان يقدم هو مشروعا للتعريف بالتشيع. نعم قد تصدر بعضالكتب والتراجم هنا وهناك من دون مركزية. من هنا خطر لي ان ابحث عن هوية مدونة للفرق الشيعية في العالم وهل انلها وجود في الخارج ام لا.. ومما لا شك فيه ان فرق الشيعة منتشرة في شتى بقاع العالم سواء افريقيا واوربا وامريكاوالغالبية منهم في الشرق الاوسط خاصة. كذلك يمتد التواجد الشيعي حتى اقصى قارة آسيا. الامر الذي كان يضاعف منهواجسي تجاه هذا الموضوع.
كان لليهود في الجامعة التي درست فيها نشاط واسع ونصيب وآفر من مكتبة الجامعة. عرفوا من خلالها بسوابقهمالتاريخية وعلمائهم ومالهم من فرق ونحل ومشاهير في شتى المجالات وترجموا غالبية ذلك لمختلف اللغات. فكانوايثبتون اليهودية لاخر سلالة كل من يجالس يهوديا ويتحدث معه ثم يترجمونه للغات الحية في العالم. والحال اننا نفوقهمبالعدد والجغرافية.
فهل لنا هوية محددة واضحة ام لا؟ حتى وصل بي المطاف للنتيجة السلبية. ففي خصوص الشيعة فيكل من ايران والعراق والبحرين وافغانستان ولبنان، لا توجد كتب توثق حاضرهم المعاصر بان تكتب من قبلهم. وبعبارةاخرى ليس للتشيع المعاصر هوية محرزة اليوم. ومما يزيد في الطين بلة اننا عندما نكتب مقالا عن انفسنا نرجع لمصادرالمستشرقين فيه. فترانا نستند للاطلاع على شيعة الكويت - مثلا - على عبارات فاولر، والحال ان فاولر هذا هو منجواسيس ال .آپا فلم لا نصحوا على يقظة للتعرف على ذواتنا كاي شعب وملة؟ وبانفسنا فمن الخطا الفادح ان يجهل قومتاريخهم وحاضرهم ويهتم الاخرون بذلك فيستند اليهم في مقام التوثيق دون الالتفات لمرب اولئك الغرباء.
ولقد استضفت في الخارج الدكتور نصر وطرحت عليه الموضوع فرحب بالفكرة ووعد بدعمها ايضا. الا انه شرط فيذلك بقائي خارج القطر فرفضت ذلك. لاني كنت افكر بالعودة الى وطني. وقد واجه المشروع صعوبات حين كنت اطرحهعلى المسؤولين في الدولة ممن التقي بهم فبقي بعيدا عن التحقق. حتى نهايات 1369 ش، حيث بدات ببلورة الفكرة بدعممن آية اللّه مصباح اليزدي والدكتور ولايتي، والذي كان احدهما يشغل منصب الرئيس العام لمجمع اهل البيت العالميوالاخر امينا عاما للمجمع نفسه. ثم كونت حينها فريقا من الباحثين لدراسة التشيع والتعريف به، فتكون مركز للتحقيقوالدراسات الشيعية ليتسنى للجمهور الشيعي قراءة واقعه قراءة معمقة ووافية تمنح الواقع الشيعي هويته الحقيقية.
يتبع..